بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 17 يونيو 2011

الأزمة السودانية:الواقع والأفاق

الأزمة السودانية معقدة وتتداخل فيها أواضع متبانية أفرزها النهج الرأسمالي الذي اتبع في إدارة الدولة الموارد منذ الإستقلال. هناك الصراع بين المدن والريف والصراع بين المركز والأطراف والصراع بين الأسمالية ووكلائها المحلين من جهة والعمال والمزارعين والرعى من جهة أخرى، وغيره. تعدد الصراعات انعكس على الحالة السودانية وأفرز كثيراً من الصراعات الجانبية التي تستهلك طاقة الجماهير، وفي كثير من الأحيان تتقاطع مصالح أطراف قد تكون متصارعة ومتناقضة في حقيقة الآمر، وتتحالف على أساس أثني أو جهوي، وفي كثراً من الأحيان يشتمل هذا التحالف على أطراف متصارعة (مثل رأسمالية طفلية ومزارعين). وقد يتصارع ويتقاتل أطراف تكمن مصلحتها في التحالف والنضال سويا من أجل التغير. هذا التباين والتداخل شتت القوي الوطنية (في المركز والأطراف والمدن والريف) التي يعول عليها في تحقيق الثورة والتغيير الاجتماعي. ان المستفيد الأول من هذا الوضع هي الرأسمالية الطفلية غير المنتجة، بالبلاد والمرتبطة باسواق المال في شرق أسيا والخليج العربي. ان هيمنة نظام الجبهة الإسلامية على السلطة السياسية بالبلاد عمق الهيمنة للرأسمالية الطفلية، فقمعت التحركات الجماهيرية بدوى حماية العقيدة وهوية المجتمع. إن سياسات النظام الحاكم في السودان لا تخدم بإي شكل من الأشكال إلا مصالح الرأسمالية الطفلية في المركز والأطراف. إن سياسات النظام الحالي تكرس لهيمنة الرأسمالية الطفلية، وتشجع الأنشطة الإقتصادية المضرة بالمجتمع وغير المنتجة، وتقنن لنهب ثروات البلاد، وتحمي كل ذلك بتشتيت وتبعثر قوى الثروة وتفتيتها.

إن انتصار الثورة الديمقراطية مرهون بتجميع كل القوي المتضررة من نظام الجبهة الإسلامية، ويتطلب هذا وجود فكر سياسي يكون ملهم للجماهير ومرشدا لها دون الشك إن الظروف الموضوعية للثورة بالبلاد متوفرة، ولكن تشتت وتبعثر هذه قوى الثورة وغياب الفكر السياسي الملهم للجماهير من أكبر العقبات. ان دور القوى الحديثة في تجميع قوى الثورة والتغير أساسي وحيوي، ولا يمكن تجاهله.

أن هذا الوضع يضع القوى السياسية في البلاد (خاصة القوى التقدمية واليسارية) أمام تحدى تاريخي، ويتطلب منها ان تقوم بدورها الطليعي في قيادة الجماهير، وأن تخرج من محراب النرجسية السياسية الذى تحبس نفسها فيه، وان تستلهم فكراً سياسياً ثورياً يلامس نبض واشواق الجماهير.

يزداد تعقد الأزمة السودانية بتخلف المجتمع، فكل مؤشرات النمو الإقتصادي والإجتماعي والتقني تشير ان البلاد تحتل موقعا متأخرا في تنصيف المجتمعات الحديثة، ولابد من القيام بمجهود كبير لتحديث المجتمع السوداني، وتشجيع ذلك بكل السبل، حتى بفتح المجال للشركات المتعددة الجنسيات وغيرها من وكلاء رأس المال العالمي والإقليمي للإستثمار في قطاعات التقانة والصتاعة، ورغم ما قد يصاحب ذلك من نهب لثروات البلاد.

هناك 3 تعليقات: